المقالاتعام

رواه البخاري … هل يحسم الخلاف؟

 

بسم الله الرحمن الرحيم

رواه البخاري

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف خلق الله أجمعين، وعلى آله وصحبه أجمعين… وبعد:

بعض الناس يحاول عبثًا أن يأتي بما لم يأت به السابقون، والبعض الآخر يبحث في الركام عن موضوع قد قُتل بحثًا ليكون حديثه وشغله الشاغل.

ومما كثر على صفحات التواصل الاجتماعي في السنوات الأخيرة إثارة بعض الشبهات حول كتاب  الإمام البخاري : “الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه وأيامه” والمشهور بـ(صحيح البخاري)، مما دفعنا في فريق رحماء بينهم كالجسد الواحد بعقد دورة بعنوان ” منهج الإمام البخاري / في جمعه للصحيح، ورد الشبهات عنه. لفضيلة الشيخ/ د. محمود عماد عيسى حفظه الله وذلك بتاريخ 30/01/2018م.

والبعض يتساءل هل كل ما ورد في البخاري صحيح؟

نترك الإجابة لكبار علماء الأمة للإجابة على هذا السؤال:

قال الإمام النووي رحمه الله: “اتفق العلماء رحمهم الله على أن أصح الكتب بعد القرآن العزيز الصحيحان البخاري ومسلم وتلقتهما الامة بالقبول وكتاب البخاري أصحهما وأكثرهما فوائد ومعارف ظاهرة وغامضة وقد صح أن مسلما كان ممن يستفيد من البخاري ويعترف بأنه ليس له نظير في علم الحديث وهذا الذي ذكرناه من ترجيح كتاب البخاري هو المذهب المختار الذي قاله الجماهير وأهل الاتقان والحذق والغوص على أسرار الحديث”([1]).

 وقال الحافظ ابن كثير رحمه الله : “الْبُخَارِيُّ الْحَافِظُ، إِمَامُ أَهْلِ الْحَدِيثِ فِي زَمَانِهِ، وَالْمُقْتَدَى بِهِ فِي أَوَانِهِ، وَالْمُقَدَّمُ عَلَى سَائِرِ أَضْرَابِهِ وَأَقْرَانِهِ، وكتابه الصحيح يستقى بقراءته الغمام، وأجمع العلماء على قبوله وصحة ما فيه، وكذلك سائر أَهْلُ الْإِسْلَامِ”([2]).

وَقَالَ أَبُو جَعْفَر الْعقيلِيّ رحمه الله : “لما صنف البُخَارِيّ كتاب الصَّحِيح عرضه على بن الْمَدِينِيّ وَأحمد بن حَنْبَل وَيحيى بن معِين وَغَيرهم فاستحسنوه وشهدوا لَهُ بِالصِّحَّةِ إِلَّا أَرْبَعَة أَحَادِيث قَالَ الْعقيلِيّ وَالْقَوْل فِيهَا قَول البُخَارِيّ وَهِي صَحِيحَة”([3]).

وقال صاحب كتاب شذرات الذهب: “الإمام أبو عبد الله الجعفي مولاهم البخاري صاحب الصحيح إمام هذا الشأن والمقتدى به فيه والمعول على كتابه”([4])

وقال الإمام الشوكاني رحمه الله : “وَلَا حَاجَة لنا فِي الْكَلَام على رجال إِسْنَاده، فقد أجمع أهل هَذَا الشَّأْن أَن أَحَادِيث الصَّحِيحَيْنِ، أَو أَحدهمَا كلهَا من الْمَعْلُوم صدقه المتلقى بِالْقبُولِ الْمجمع على ثُبُوته. وَعند هَذِه الإجماعات تنْدَفع كل شُبْهَة، وَيَزُول كل تشكيك”([5]) .

وقال الإمام السبكي رحمه الله : “وَأما كِتَابه الْجَامِع الصَّحِيح فأجل كتب الْإِسْلَام وأفضلها بعد كتاب الله”([6])

وقال ابن الصلاح رحمه الله : في مقدمته: “وكتاباهما أصح الكتب بعد كتاب الله العزيز …. ثم إن (كتاب البخاري) أصح الكتابين صحيحا وأكثرهما فوائد”.([7])

وقال أيضًا: “وأما ما روينا عن (الشافعي) رضي الله عنه من أنه قال: ما أعلم في الأرض كتابا في العلم أكثر صوابا من كتاب (مالك) – ومنهم من رواه بغير هذا اللفظ – فإنما قال ذلك قبل وجود كتابي (البخاري ومسلم)”([8]).

لذلك من البديهي أن يحسم كل نقاش حديث ورد في صحيح البخاري، وتم فهمه بفهم سلف الأمة.

ومن البديهي أيضًا ألا يحتاج صحيح البخاري بعد قبول الأمة له إلى تصحيح.

ومن البديهي أيضَا أن يكون إثارة مثل هذه الشبهات موطن رد عند كل من له غيره على الوحي، فكما القرآن الكريم وحي من الله متلو، فإن السنة النبوية وحي من الله غير متلو.


[1] – مسلم/شرح النووي على مسلم (1/1).

[2] – ابن كثير/ البداية والنهاية (11/30).

[3] – ابن حجر/فتح الباري (1/489).

[4] – العكري/شذرات الذهب (2/134).

[5] – الشوكاني/قطر الولي على حديث الولي ص(218)

[6] – السبكي/طبقات الشافعية الكبرى (2/215).

[7] – مقدمة ابن الصلاح (ص: 10)

[8] – مقدمة ابن الصلاح (ص: 10)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق