المقالاتحقوق ضُيِّعتعامفضائل رمضان

رمضــــــــــــــــــــان والانتصــــــــــــــــــــــارات

شهر رمضان والانتصارات ([1])         

من حق شهر رمضان المبارك علينا أن نتذكر فيه الانتصارات التي أحرزها المسلمون فيه، فأشرقت من خلال فتوحاتهم شمس الحرية، وخرج الناس بفضل جهادهم من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة، ومن جور الأديان إلى عدل وسماحة الإسلام، وحريٌّ بنا ونحن نعيش في هذه الأجواء الإيمانية الرمضانية أن نتذكر هذه الانتصارات في زمن الذل والهوان، نتذكر في هذا الشهر الفضيل انتصارات المسلمين في رمضان رغم جوعهم وعطشهم لعل جزءًا من روحهم المعنوية، وهممهم العالية تنتقل إلينا فنترك الكسل والخلود إلى الأرض وننهض من جديد لاستعادة أمجاد الأمة الإسلامية التي ضاعت في زمن التخاذل.

في زمن الارتجاف من قوى الشر لركون الأمة إلى الدنيا.

في زمن التطبيع والتراجع، ولعل الثورات العربية والربيع العربي يكون فاتحة خير لننفض تراب الهوان عن رؤوسنا، ونخلع ثوب المذلة عن أجسادنا، ونتسربل بلباس العزة والكرامة.

يأتي شهر رمضان ليذكرنا أننا إن لم نلتحق بركب العظماء والمنتصرين فسيرتحلون عنا في قطار الحرية ويتركوننا في صحراء قاحلة لا يوجد فيها سوى كلاب عاوية هدفها الوحيد القضاء على الإسلام وأهله وقد أخبرنا بذلك الحبيب r في الحديث عَنْ ثَوْبَانَ t قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (يُوشِكُ الأُمَمُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمْ كَمَا تَدَاعَى الأَكَلَةُ إِلَى قَصْعَتِهَا. فَقَالَ قَائِلٌ: وَمِنْ قِلَّةٍ نَحْنُ يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: بَلْ أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ وَلَكِنَّكُمْ غُثَاءٌ كَغُثَاءِ السَّيْلِ، وَلَيَنْزِعَنَّ اللَّهُ مِنْ صُدُورِ عَدُوِّكُمُ الْمَهَابَةَ مِنْكُمْ وَلَيَقْذِفَنَّ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمُ الْوَهَنَ. فَقَالَ قَائِلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ: وَمَا الْوَهَنُ؟ قَالَ :حُبُّ الدُّنْيَا وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ)([2]).

يأتي شهر رمضان ليذكرنا بقوله عز وجل: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ * إِلاَّ تَنفِرُواْ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلاَ تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ([3]).

فلقد شهد شهر رمضان على مدار التاريخ مَجموعَةً من الغزوات والمعارك الحربية والفتوحات الإسلامية، التي وقعت بين المسلمين وغيرهم من أهل الكفر، تكللت فيها بالنصر للمسلمين ورفعت رايات التوحيد عالية خفاقة، ومن هذه الغزوات والمعارك نذكر أشهرها:-

– غزوة بدر الكبرى: وكانت في السابع عشر من رمضان من السنة الثانية للهجرة.

فتح مكة: كانت في العاشر من شهر رمضان من السنة (8) هـ.

– معركة القادسية: كانت في شهر رمضان سنة (15) هـ.

فتح بلاد الأندلس: كان في رمضان سنة (92) هـ.

فتح عموريـة: في شهر رمضان من عام (223) هـ.

– معركة الزلاقة: وهي في جنوب دولة إسبانيا حاليًا كانت في سنة(479) هـ.

فتح مدينة انطاكية: في شهر رمضان عام (666) هـ.

– معركة عين جالوت كانت في شهر رمضان سنة (685)هـ.

– موقعة حطين كانت في شهر رمضان سنة (584) هـ.

– حرب شهر رمضان (1973)م أو(حرب السادس من أكتوبر) كانت في رمضان سنة (1393)هـ، وفيها تمكن المسلمون من الانتصار على القوات الصهيونية الغاصبة وغيرها من المعارك والفتوحات التي لا يتسع المقام لحصرها والحديث عنها.

ولم يكن انتصار المسلمين في هذه الغزوات والمعارك، التي وقعت في رمضان وهم صائمون -من قبيل المصادفة-، بل إنَّ لذلك دلالةً عظيمة، ترتبط بمعنى الصيام وحقيقته، وما يُحدِثُه في نفس المسلم من تغيير.

فالمسلم الذي يستطيع أن يلبي نداء الله في الامتناع عن شهوتي الفرج والبطن من طلوع الفجر إلى غروب الشمس قادر على أن يتحمل المشاق عند لقاء العدو، وهو الأسرع في الاستجابة لنداء (حي على الجهاد).

لذا من الواجب علينا في شهر الانتصارات أن نشمر ساعد الجد، ونعلن حالة الاستنفار العامة، ونكون على جهوزية تامة لمحاربة العدو الصهيوني، الذي يمارس يوميًا أبشع الجرائم في حق الشعب الفلسطيني، وكذلك ما يمارسه في حق المسجد الأقصى المبارك من حفر للأنفاق، وتهويد للمكان، ومنع للمصلين واعتداء عليهم.

اللهم ارزقنا الشهادة في سبيلك، وتقبل صيامنا وقيامنا وقراءة القرآن منا، واجعلنا من عتقائك من النار.


[1] – نُشِرَ هَذَا المَقَالُ بِتَارِيخِ: 06/08/2012م.

[2]صحيح. أخرجه أبو داود في سننه (4/184) ح(4299)، وصححه الألباني.

[3] – سورة التوبة: الآيتين 38-39.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق