المقالاتعام

غُضَّ بصرك … تحفظ دينك وبيتك

غُضَّ بصرك … تحفظ دينك وبيتك 

أمر الله جل جلاله عباده ذكورًا وإناثًا بغض أبصارهم لما فيه من خيري الدنيا والآخرة لهم – وكل أوامر الله كذلك – فقال جل جلاله  في سورة النور مخاطبًا المؤمنين : ﴿ قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ﴾   ([1]).

وخاطب المؤمنات بقوله : ﴿ وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ … ﴾    ([2]) .

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ – رضي الله عنهما- في قوله جل جلاله : ﴿ يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأَعْيُنِ ، وَمَا تُخْفِي الصُّدُور ﴾    ([3]) .

قَالَ : ( الرَّجُلُ يَكُونُ فِي الْقَوْمِ فَتَمُرُّ بِهِمَ الْمَرْأَةُ فَيُرِيهِمْ أَنَّهُ يَغُضُّ بَصَرَهُ عَنْهَا فَإِنْ رَأَى مِنْهُمْ غَفَلَةً نَظَرَ إلَيْهَا فَإِنْ خَافَ أَنْ يَفْطَنُوا بِهِ غَضَّ بَصَرَهُ وَقَدِ اطَّلَعَ اللَّهُ مِنْ قَلْبِهِ أَنَّهُ وَدَّ أَنَّهُ نَظَرَ إلَى عَوْرَتِهَا ) .

وحذّر من ذلك الحبيب -صلى الله عليه وسلم- في السنة المطهرة في الحديث الذي رواه ابْنِ عَبَّاسٍ – رضي الله عنهما – قَالَ : مَا رَأَيْتُ شَيْئًا أَشْبَهَ بِاللَّمَمِ   ([4]) مِمَّا قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ رضي  الله عنه  عَنِ النبي -صلى الله عليه وسلم-  🙁 إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ حَظَّهُ مِنَ الزِّنَا أَدْرَكَ ذَلِكَ لاَ مَحَالَةَ ، فَزِنَا الْعَيْنَيْنِ النَّظَرُ ، وَزِنَا اللِّسَانِ الْمَنْطِقُ ، وَالنَّفْسُ تَمَنَّى وَتَشْتَهِى ، وَالْفَرْجُ يُصَدِّقُ ذَلِكَ وَيُكَذِّبُهُ )  ([5]).

ولو وقفنا مع الفائدة الأخيرة وقفة متمعن ؛ لوجدنا علاجًا لمشكلة حقيقية تحصل في البيوت وسببها الرئيس عدم غض البصر عن النظر للنساء ، سواء كان ذلك عبر الفضائيات – التي تحارب الإسلام وأهله في عقر بيوتهم – ، أو كان ذلك للأسف الشديد في شوارع المسلمين ، فتسير في الشارع وكأنك في استعراض للفتنة والإغراء تلبس إحداهن والعياذ بالله ما يفصل جسدها من تحت ثيابها- إما لرقتها أو لشدة التصاقها بالجسد – فيطلق أحدنا العنان لبصره يقلب في النساء كيفما شاء ، وهنا تبدأ الحسرة تقتله عندما يبدأ بعقد مقارنة بين تلك العارضة الممشوقة القوام وبين زوجته أم أولاده ، فيجد الكثير فرق شاسع ، تنظر إلى جسد زوجتك فترى ما لا يعجبك ، وتتذكر القوام الذي أعجبك لتلك الفتاة التي شاهدتها في الشارع أو العمل أو عبر الفضائية . وتبدأ تتحسر على عمرك الذي ضاع مع هذه الزوجة .

تسمع من زوجتك كلام لا يعجبك لما تعانيه في المنزل لخدمتك .

فتبدأ تتذكر تلك الأنثى التي شاهدتها في أحد المسلسلات وكيف تتكلم مع زوجها بكلام رقيق معسول ، فيبدأ عداد الحب لزوجتك في انخفاض بدلاً من أن يكون في تزايد يومًا بعد يوم .

لا تجرح مشاعرها بمقارنتها بغيرها ، كم مرة قلت لزوجتك انظري لجسم هذه الفاتنة آه ثم آه لو أنها عندي .

تخيل معي هذا الموقف أنت تجلس وإياها على شاشة التلفاز تقلب في القنوات وعُرضَت صورة شاب جميل المنظر ، مفتول العضلات ، رقيق الكلمات، فقالت زوجتك: ” يا سلام هاهم الرجال ولا بلاش مش زيك ” تخيل الجرح العميق الذي سيلحق بقلبك ، ستنزف دماً بدلًا من الدمع ، بالتأكيد الأرض ستضيق بك بما رحبت ، ويحصل ما لا يحمد عقباه .

إذًا فكما ترغب أنت بالمواصفات والمقاييس كذلك هي , لكن الفرق بينك وبينها أنها اختارتك أولاً ، ورضيت بك واعتبرتك نصيبها وحبيبها بكل ايجابياتك وسلبياتك ، ولم تجرحك يوماً ولم تقارنك مع غيرك ، حفاظًا على مشاعرك .

فَلِمَ تتعمد أن تجرحها ؟.

لم تتعمد أن تظهر لها أنك غير راضٍ عن جسدها؟.

تذكر أنها قادرة على عقد المقارنات الطويلة والمؤلمة في الوقت ذاته ، لكنها تكتم ذلك في نفسها وتضحي من أجلك ومن أجل المحافظة على الحياة الزوجية بينكما .

ولنقرأ وإياك هذه الحكمة من لقمان الحكيم لابنه : كذب من قال الشر بالشر يُطفأ ؛ فإن كان صادقًا فليوقد نارين ، وينظر هل تطفي إحداهما الأخرى ، إنما يُطفئ الخير الشر كما يُطفئ الماء النار .

إذاً … لا تضيع وقتك في التفكير بهذه وتلك ، بل اجعل تفكيرك في ترتيب بيتك الداخلي ، وغرس المحبة والألفة ، واستعن على ذلك بالعفو والبسمة . وكن على يقين أن السعادة تكمن في حديقة بيتك الغناء ، فلا تبحث عنها في غابة الغرباء .

..والكلام يشملك أيتها الأنثى ففي هذا الزمن ربما غض الشاب بصره عن الفتاة لكنها

[1] – سورة النور: الآية 30

[2]– سورة النور: الآية 31

[3] – سورة غافر: الآية 19

[4] – اللمم : صغار الذنوب

[5] – رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق