المقالاتعام

بصبركم أشرقت شمس الحرية

بصبركم أشرقت شمس الحرية

 

نعيش هذه الأيام فرحة غمرت قلب كل مسلم مخلص لدينه ، فرحة ملأت كل بيت يمتلك صاحبه حسًا وطنيًا .

فرحة الإفراج عن إخواننا الأسرى والأسيرات من سجون الاحتلال الصهيوني .

والحقيقة التي لا يختلف عليها اثنان أن ذلك ما تم إلا بفضل صبر هؤلاء الأسرى وتحملهم لقسوة السجن وخبث السجان حتى مَنَّ الله عليهم بالفرج من عنده جل جلاله  ، وبفضل صبر ذويهم على بعدهم واختيارهم لنهج الجهاد والمقاومة ؛ نصرةً لدينهم ، وقهرًا لعدوهم ، وثباتًا على مبادئهم الإسلامية الشامخة ، متيقنين من أن الصبر لا يأتي إلا بالنصر مرددين دومًا الحديث الذي علمه رسولهم -صلى الله عليه وسلم-  لعبد الله ابْنِ عَبَّاسٍ –رضي الله عنهما- أَنَّهُ قَالَ كُنْتُ رَدِيفَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ يَا غُلَامُ أَلَا أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ يَنْفَعُكَ اللَّهُ بِهِنَّ فَقُلْتُ بَلَى فَقَالَ:( احْفَظْ اللَّهَ يَحْفَظْكَ ، احْفَظْ اللَّهَ تَجِدْهُ أَمَامَكَ ، تَعَرَّفْ إِلَيْهِ فِي الرَّخَاءِ يَعْرِفْكَ فِي الشِّدَّةِ ، وَإِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلْ اللَّهَ ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ ، قَدْ جَفَّ الْقَلَمُ بِمَا هُوَ كَائِنٌ فَلَوْ أَنَّ الْخَلْقَ كُلَّهُمْ جَمِيعًا أَرَادُوا أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَكْتُبْهُ اللَّهُ عَلَيْكَ لَمْ يَقْدِرُوا عَلَيْهِ ، وَإِنْ أَرَادُوا أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَكْتُبْهُ اللَّهُ عَلَيْكَ لَمْ يَقْدِرُوا عَلَيْهِ ، وَاعْلَمْ أَنَّ فِي الصَّبْرِ عَلَى مَا تَكْرَهُ خَيْرًا كَثِيرًا ، وَأَنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ وَأَنَّ الْفَرَجَ مَعَ الْكَرْبِ ، وَأَنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا)   ([1]) .

لذلك حديثنا في هذا المقال عن الصبر ؛ هذه الصفة التي افتقدها كثير من المسلمين فيما يسمى بــ( عصر السرعة )، فكل شيء-سلبًا أم إيجابًا- عندنا أصبحنا نريده بين دقيقة وأخرى مع أن الصبر قد ذكر في القرآن الكريم في أكثر من ثمانين موضعاً ، والصبر له عدة فوائد منها :-

1- المسلم مأمور أن يتحلى بالصبر: فقال جل جلاله : ﴿ وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ﴾ ([2]).

2- عدم الصبر منهي عنه : فقد نهى الله كثرة الاستعجال فقال جل جلاله: ﴿ فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِل لَّهُمْ﴾    ([3]).

3-الله يحب أهل الصبر:فقال جل جلاله:﴿وَاللّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ﴾    ([4])

4-الصبر عاقبته خير: فقال جل جلاله :﴿وَأَن تَصْبِرُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ﴾    ([5]).

ويؤكد ذلك حديث أَبِي سَعِيدٍ الْخدْرِيِّ رضي الله عنه أَنَّ نَاسًا مِنَ الأَنْصَارِ، سَأَلُوا رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فَأَعْطَاهُمْ، ثُمَّ سَأَلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ، حَتَّى نَفِدَ مَا عِنْدَهُ، فَقَالَ-صلى الله عليه وسلم-:( مَا يَكُونُ عِنْدِي مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ أَدَّخِرَهُ عَنْكُم، وَمَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ اللهُ، وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللهُ، وَمَنْ يَتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ اللهُ، وَمَا أُعْطِيَ أَحَدٌ عَطَاءً خَيْرًا وَأَوْسَعَ مِنَ الصَّبْرِ)   ([6]).

5-الصبر جزاؤه عظيم: فقال جل جلاله:﴿إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾   ([7]) .

6-الصبر سبب لدخول الجنان: فقال جل جلاله:﴿ سَلاَمٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ﴾    ([8])

7-الصبر واليقين سبب للإمامة في الدين: فقال جل جلاله: ﴿وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنا يُوقِنُون﴾   ([9]).

8- أهل الصبر في حفظ الله ومعيته: فقال جل جلاله:﴿ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾   ([10]).

9- بالصبر والتقوى لا يضرنا كيد الأعداء شيئًا: فقال  جل جلاله:﴿وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ﴾     ([11]).

10- الفلاح متعلق بالصبر والتقوى: فقال جل جلاله: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾    ([12]).

11- الصبر والمغفرة من عزائم الأمور: فقال جل جلاله: ﴿ وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُور﴾   ([13]).

12- الصبر سببًا رئيسًا من أسباب الفوز: فقال جل جلاله :﴿إنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ ﴾    ([14]).

13-الصبر سببًا للهداية وجالبًا لرحمة الله: فقال جل جلاله: ﴿…وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ*الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ* أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ﴾    ([15]).

14-الصبر سببًا في تحويل العداوة إلى محبة وإخاء : فقال جل جلاله: ﴿ وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ﴾   ([16]).

لذلك كله الله أسأل أن نكون من الصابرين ، الذين يتحصلون على هذه الصفة العظيمة ، الذي من خلالها نتحصل على هذه الأجور الكثيرة الكبيرة .

 

[1] – رواه البيهقي في شعب الإيمان.

[2] – سورة البقرة: الآية45

[3] – سورة الأحقاف: الآية 35

[4] – سورة آل عمران: الآية146

[5] – سورة النساء: الآية 25

[6] – رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما.

[7] – سورة الزمر: الآية 10

[8] – سورة الرعد: الآية 25

[9] – سورة السجدة: الآية 24

[10] – سورة البقرة : الآية 135

[11] – سورة آل عمران : الآية 120

[12] – سورة آل عمران: الآية200

[13] – سورة الشورى: الآية 43

[14] – سورة المؤمنون: الآية 111

[15] – سورة البقرة : الآيات 155-157 .

[16] – سورة فصلت : الآيات 34-35 .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق