المقالاتحقوق ضُيِّعتعامفضائل رمضان

رمضان والغزو الفكري

رمضان والغزو الفكري

أخوتي وأخواتي القراء الكرام اسمحوا لي بداية أن أهنيء نفسي وإياكم بحلول هذا الشهر العظيم المبارك.

ثم إنني أستميح هذا الشهر الكريم عذراً أنني لا أريد أن أكتب عن فضائله وخيراته ، فقد أجاد في ذلك وأبدع كل من الدعاة والعلماء.

ولكني أريد أن أتحدث عن حملات الغزو الفكري التي تشن على المسلمين ليل نهار لاسيما في شهر القرآن الكريم.

فأعداء الله -جل جلاله –  قد أعدوا العدة وجهزوا أنفسهم لشن حملة الغزو منذ أن انتهى رمضان العام السابق – مما يذكرنا بنقيض فعل السلف الصالح – رحمهم الله – فأعداؤنا قد تسلحوا منذ ذلك الوقت بأبشع وسائل الفتك الفكري من خلال وسائل الإعلام سواء كانت المسموعة أو المرئية وأخذوا بتشويق المسلمين بما سيعرضون عليهم من مسلسلات وأفلام وبرامج لا علاقة لها بالإسلام وأهله ؛ بل لا أكاد أقسم أنهم نجحوا في ذلك أيما نجاح فلقد انتظر كثير من ضعاف الإيمان رمضان بشغف كبير.

لم يا تُرى…؟

هل لأنهم يجدون في رمضان متسعاً للعبادة وقراءة القرآن وغيرها من العبادات ، لا… بل لأن بعض المسلسلات لا يبث إلا في رمضان فقط .

فلقد استطاع هؤلاء الغزاة حقيقة أن يحققوا أهدافهم الرئيسة من خلال سلخ المسلم من دينه وخلع ثوب عقيدته .

فأخرجوا للمجتمع جيلاً لا يعرف معروفاً ، ولا ينكر منكراً . بل إن أسمى هدف له أن يقلد ذاك الممثل بلباسه ومشيته وحتى بتسريحة شعره .

 

ولقد كان للمسلسلات المدبلجة أبلغ الأثر وأسرعه في حياة شبابنا وبناتنا ، فقد استطاعوا أن يزرعوا الفتنة من خلالها في كل بيت ؛ بل لا أبالغ إن قلت في قلب كل شاب وفتاة من ضعاف الإيمان فأصبح من يمارس الرذيلة هو صاحب الفضيلة والأخلاق .

فيا أولياء الأمور ….، يا أرباب الأسر….، يا من استرعاكم الله ورسوله أمانة عائلاتكم في أعناقكم فقال سبحانه وتعالى : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾    ([1]).

وقال – صلى الله عليه وسلم – : (كُلُّكُمْ رَاعٍ ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ ، فَالْإِمَامُ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ زَوْجِهَا ، وَهِيَ مَسْئُولَةٌ وَالْعَبْدُ رَاعٍ عَلَى مَالِ سَيِّدِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ ، أَلَا فَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ )     ([2])

يا عبد الله أمانة الأولاد والبيت فرض من الله تبارك وتعالى. والتبكير إلى المسجد وحدك والتأخر عند الرجوع منه نافلة .

فإياك أن تكون ممن يستطيع أن يضحك عليهم إبليس فيشغلهم بالقليل عن الكثير ، وبالتطوع عن الواجب , فدرء المفاسد في الشريعة الإسلامية أولى من جلب المصالح , فأن يجتنب المسلم في هذا الشهر الفضيل الوقوع في المحرمات والمعاصي من متابعة للمسلسلات والأفلام خير من التنفل مصداقاً لقوله تبارك وتعالى : ﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ﴾   ([3])

ولما رواه أبو هريرة – رضي الله عنه – عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال : (دَعُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ، إِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِسُؤَالِهِمْ وَاخْتِلاَفِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ ، فَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَاجْتَنِبُوهُ ، وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ) ([4]).

فتجد كثيراً من الناس قد جعل الصيام مطية لكثير من التصرفات السيئة ، فإذا رفع صوته وأرغى وأزبد فبحجة أنه صائم ومزاجه عصبي،

وإذا تكاسل في عمله فلنفس السبب ،

وقس على ذلك الكثير….,
ولا يفهم مما سبق أن المسلم يترك العبادات والطاعات ويضيع وقته بالمباحات كما يفعل كثير من أبناء المسلمين اليوم فتجد كلمة مشهورة على الألسنة من بعد صلاة العصر” تعال نضيع الوقت لما ييجي وقت الفطرة

فيخرج إلى السوق ليمضي ساعة أو اثنتين ليشتري رأس فجل ، أو ضمة جرجير، ونسي أو تناسى قول النبي- صلى الله عليه وسلم -: ( لا تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَومَ القِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ عُمُرِهِ فِيمَ أفنَاهُ ؟ وَعَنْ عِلمِهِ فِيمَ فَعَلَ فِيهِ ؟ وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أيْنَ اكْتَسَبَهُ ؟ وَفيمَ أنْفَقَهُ ؟ وَعَنْ جِسمِهِ فِيمَ أبلاهُ ) ([5]).,

فحري بنا أيها الأخوة الأكارم ونحن نستقبل شهر الخير والبركة شهر الرحمة والمغفرة شهر العتق من النار أن نفتح صفحة جديدة مع الله تبارك وتعالى ,

وأن نستجيب لنداء الله ملك الملوك في كتابه : ﴿ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ ([6]) .

وقوله:﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾  ([7]) .

[1] – سورة التحريم: الآية 6

[2] – رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما .

[3] – سورة التغابن: الآية 16

[4] – رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما.

[5] – رواه الترمذي في سننه وصححه الألباني .

[6] – سورة النور: الآية 31

[7] – سورة التحريم: الآية 8

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق